ما زالت مسألة اتجار الإسرائيليين بالأعضاء البشرية للفلسطينيين تتفاعل، ولم يزل الإسرائيليون يتعاملون مع الموضوع بوقاحة وبجاحة معهودة، حيث سيف اللاسامية مسلط على رقاب العباد، والاتهام جاهز لمن تسول له نفسه المس (بالإنسانية) الأسراتوراتية، وهاهو الصحفي السويدي يصر على ما نشره ليس بذريعة أن لديه وثائق دامغة فقط بل لثقته بالحقيقة ولثقته بشعبه أنهم سوف يدافعون عن حريته وكأنها حريتهم، وعن رأيه بغض النظر عن تبنيه أو رفضه. وهذا ما دفع برئيس الوزراء السويدي (طبعا) برفض الاعتذار على الرغم من مطالبة الإسرائيليين به وعلى الرغم من معرفته خطورة عدم الانصياع لهذه المطالبة ( فهو لا يخفى على أحد).

طبعا الموقف السويدي هو انتصار للحقيقة والحرية التي هي شأن سويدي داخلي، ودعونا ألا نحمل الموضوع أيا من الشعارات الطنانة ، فاستفادتنا الحقيقية هي بالاعتماد على الحقائق لأن المسألة الفلسطينية برمتها هي مسألة حقائق دنيوية إنسانية تندرج في نفس الإطار العقلاني الذي يتعاطى به الصحفي صاحب التحقيق الموثق والذي لا يخشى في الحقيقة لومة لائم .

المهم .... أتشمم رائحة مشكلة بيننا وبين السويديون، لا أدري من أين يأتي هذا التشاؤم، أمن قلة حيلتنا أم من دهاء عدونا (قبل الرسوم المسيئة كانت هناك محاولات واقتراحات مقاطعة دنمركية اقتصادية للكيان الصهيوني!!) واليوم نواجه نفس المسألة، السويديون يرفضون الانصياع لسيف اللاسامية، وهذا يصب في صالح صراعنا مع عدو، فكيف سيرد هذا العدو على مسألة تخص السويديين كشأن داخلي ؟؟؟

أرجح افتعال قضية بيننا وبينهم، تجعلهم يندمون على موقفهم هذا، أو تجعلهم ينصاعون الى الدعاوى الصهيونية حول تصنيفنا الأخلاقي والحضاري. فماذا نحن بفاعلين ؟

ربما حجاب هنا، أو مايوه شرعي هناك، أو جريمة شرف بين هنا وهناك، أو ربما اعتداء على فنان، أو ربما ظهور رسوم مسيئة مرة أخرى .. أو ما يشبهها ؟ تثير فينا الحمية والحماسة على جبهة بعيدة آلاف الكيلومترات عن فلسطين نحولها الى ساحة جهاد ، نحصد منها مالا تحمد عقباه .

المسألة هنا مسألة وعي ... وعينا بالكرم ووعينا بالناطور، فهل علينا أن ننجر كل مرة لحشر أنفسنا في مكانة ليست لنا ... هذه المرة السؤال للناس ، لا للحكومات ولا للسفارات ولا للمنظمات ..

دعونا لمرة أن لا نجعل حرية السويديين في السويد وبالا علينا .