الكاتب : نجيب نصير

ربما يمكننا اعتبار الصومال اليوم وبالتالي الصوملة مثالا حقيقيا عن طريقة عيش اجتماعي ممارسة وواقعية ناتجة عن ثقافة محددة ويمكن معايرتها بالمقارنة مع غيرها من الممارسات الاجتماعية المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها تعبيرا عن ثقافات اجتماعية تسمى قسرا وجزافا هويات يجب تحقيقها كبداية انطلاق لتحقيق الذات القومية أو الوطنية، حيث لا مناص من حضور هذه الهوية حتى ولوم تم تعريفها بمعايير بائدة ، إلا أن الدليل على حداثتها وفعاليتها هو المقدرة على استخدام السلاح الناري، أو المقدرة على السيطرة على السفن في عرض البحر مهما كانت هذه السفن حديثة أو مؤتمتة . هذا هو جل المفهوم الصوملي للحضور بين أقوام الأرض ولا نقول صوملي نسبة الى الصومال فقط، بل هناك الكثير من الأمثلة التي سوف تؤدي الى نفس الواقع المفرح أي تحقق الهوية أو (اختصارا) الاستقلال عن الإرادات الخارجية ، وبشكل محدد أكثر الإرادات الخارجية نسبة الى القبيلة أو درجة اللون أو المذهب أو حتى التفسير أو التأويل الديني المختلف حتى ولو كان ضمن نفس المذهب، لتبدو أن كلمة صوملة ( لم ترتق إلى مصطلح بعد) معبرة عن أداء اجتماعي تحضيري وعنيد أكثر من واقع حال جرى وتجري أحداثه الآن في إحدى بقاع الدنيا .

لذلك تبدو الأوضاع الثقافية في المجتمعات العربية مصوملة (خلقة) فالتشظي الاجتماعي، واحتمالات الانفصال، وحضور المشاكل الطائفية والأثنية، والدول المأزومة بأدائها الذاتي، هذه التوصيفات الحاضرة في الأداء الاجتماعي الفردي اليومي كالرشوة والفساد والمحسوبيات والتسلط ومراكز القوى والخ من المسائل التي تدعي الصوملة الحالية (في الصومال) محاولة التخلص منها عبر أداء صريح وقاس لوسائل تحقيق العدالة الاجتماعية على طريق إظهار الهوية وتثبيتها والتي تختصر بالرشاش الأوتوماتيكي ، الذي يقتل بسبب سرعة المقذوف العالية ، وليس لأنه ينتمي لهذه الفئة أو تلك .

الصوملة ثقافة قديمة جربتها الكثير من المجتمعات التي نجمع نحن الحاليون أنها كانت منحطة ( أوربا في عصور الإنحطاط ) وخطيرة على البشرية ، مما اضطر هذه المجتمعات لدراستها وإختراع الحلول لإبادتها ، فتوصلت الى الدولة التي تقع على مسافة متساوية من الجميع بغض النظر عن أصولهم ومعتقداتهم والوانهم وأجناسهم الخ وبدأت في إرساء ثقافة إجتماعية تحقق عقد السلم الأهلي أي المجتمعي كقضية مجتمعية داخلية لا تعني الخارج إلا من ناحية علاقات الإنتاج التي يمكن أن تكون كولنيالية أيضا ، لتبدو معنية بمجتمعها فقط الخ و ( ما علينا ) ، ولكن التصويب من بندقية إذا أنزاح قيد أنملة عند الإنطلاق سوف يفترق كثيرا وكثيرا جدا عن الهدف ، ومن هنا تبدو عمليات التهوية ( من هوية ) على مستوى هذا الإبتسار والتخريف ( مقاربة الجهل ) تبدو كعمليات خطيرة فهي إنزياح خطير من نقطة البداية حيث لا يعلم إلا الله الإفتراق الذي سوف يحصل في النتائج ( هل نذكر دار فور هنا ) ؟؟!!

اليوم ومهما كنا لا نستطيع التلاعب بالثقافة الاجتماعية على سبيل التأجيل أو الهروب الى الأمام، لأن هذا نوع من الانحطاط قابل للعدوى، فالجهالة كثقافة اجتماعية أسهل تلقيا وهضما وممارسة وأكبر مكافأة، فكيف لمجتمعات العالم العربي النجاة من ثقافة الصوملة هذه؟ خصوصا أن العلم والتعلم لم يحلا المسألة ولن يحلاها .

هل يمكننا حل المسألة ديمقراطيا؟ بمعنى أن الصوماليون (وأمثالهم) اختاروا هذه الثقافة وارتضوها لأنفسهم بكل حرية واقتناع؟ ولو طلب استفتاء (برقابة دولية) لكان هذا خيارهم ؟.....

أسمع الكثير عن هكذا خيار وهكذا استفتاء، ما يفضي إلى أن هناك (عقول) هي أجهل من الجهل نفسه ؟؟؟ !!! ودمتم .....