الكاتب : نجيب نصير

وهو في قمة زهوه وفرحه سألت المذيعة الجميلة في إحدى القنوات الفضائية ، سألت معلقا تونسيا ، هل تتوقع حصول فوضى في تونس بعد الذي حصل فيها على غرار الفوضى التي حصلت في العراق ؟

أجاب المعلق مستعجلا ... لا .. لا أتوقع فالمجتمع التونسي مجتمع متحضر .!!

رد المعلق التونسي لالالا أعوذ بالله ، قصدت أن المجتمع التونسي لديه الدراية الكافية وو الخ ، ولم أقصد شيئا آخر على الإطلاق .

أو كي فهمنا ، وعذرنا و..و..الخ ، ولكن السؤال لما يزل يقرع في الرأس أجراسا لا يمكن تجاهلها !!.

والسؤال ليس حول مسألة أن العراق مجتمع أم لا، فهذه لها مقام آخر ، ولكن لنسلم جدلا أنه مجتمع ، فهل هو فعلا متحضر كما زل لسان المذيعة التلفزيونية ؟؟؟

وأرجو هنا ألا يقول لي أحد ، أنها سبعة ألاف عام من الحضارة ، ولا أحد يذكرني بالإستعمار ودوره في قلة تحضر " مجتمعاتنا " ،وان لا يشير علي أحد بأضرار القمع والدكتاتورية ، ولا أريد أن أسمع عن الإنجازات العلمية والأدبية الرائعة الخ أيضا .

أريد أن أسمع عن حال الطائفية في هذا البلد " المجتمع كما يدعون "،فهذه لا يزرعها إستعمار أو دكتاتورية ، ولا تشفع لها سبعة آلاف سنة من الحضارة ولا إنجازات العلماء غير المسبوقة !!!

نعم وقولا واحدا البلد الذي توجد فيه طائفية هو بلد غير متحضر ، ولم يصل الى مرتبة المجتمع ، فكيف إذا كان البلد المعني تقام فيه المذابح الطائفية ، وتسيل دماء الخلق بناء على ضمير مستتر تقديره هو .

لا ليس هو ، لا في العراق ولا في لبنان ولا في السودان ولا في مصر أو اليمن وأي بلد يقارب هذا المرض الخطير ، هو بلد غير متحضر ، الضمير ليس مستترا بل هو أنتم أهل البلد أو التجمع السكاني الذي يطلق عليه جزافا " مجتمع "

في هذا الموضوع وفي هذا الزمان وفي هكذا حقبة من المعلومات والمعارف ، لا شيىء يغفر الطائفية إلا الفناء ، وهي مسألة تعني كل فرد في كل مجتمع أو تجمع بشري ، دون أي مزح أو تجريب . فالطائفية مثل الألغام الخطأ الأول هو نفسه الخطأ الأخير .

قال لي أحد الأصدقاء : الحمد لله أنه في تونس ليست هناك من طوائف ، لم يعجبني التعليق ، فهل الطائفية قدر لمجرد وجود الطوائف والمذاهب ؟ فإذا كان الأمر كذلك فلنستعفي من إنسانيتنا وإجتماعيتنا وعقلنا ، ولنذهب من بعدها راكضين الى جحيم الحياة الدنيا ، فهي المآل الوحيد الذي يستحقه الطائفيون ومطنشيهم . فالتحضر مسألة غير منقسمة لا بوجود الطوائف والمذاهب ولا بغيره ، فالمجتمع المتحضر حقيقة ( إذا كان مجتمعا ) لن يسمح (لخيالها ) الاقتراب من الثقافة الإجتماعية .

سيدتي المذيعة الجميلة المعلق التونسي لم يقصد وربما قصد واعتذر ، ولكن أريد أن أسألك أنت هل ( المجتمع ) العراقي في ظلال الطائفية والمذهبية .... متحضر ؟