souriaalghad.me
رغم الأحداث الأمنية "المتنقلة" التي طالت أمس أحد اهم الحياء في دمشق، إلا أن الإيقاع السياسي الدولي بدا أكثر حضورا، فالخارجية الروسية وربما لأول مرة من بداية الأزمة السورية تحدثت عن "تحول" لموقف واشنطن، بينما نقلت تقارير غربية أن الملف السياسي السوري أصبح في مساحة الدبلوماسية الروسية التي تتعامل معه اليوم على خلفية تحرك أممي يقوده كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، في وقت يتوقع أن يصوت مجلس الأمن اليوم على بيان رئاسي اقترحته فرنسا من أجل دعم مهمة عنان.

التطورات الدولية

وحسب مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية باريس فإن التطورات التي طرأت على الملف السوري تزعج الخارجية الفرنسية التي تعتبر تُحضر للقاء "أصدقاء سورية" وذلك بعد أن يتم اجتماع مشابه في أنقرة مع نهاية هذا الشهر، واعتبرت نفس المصادر أن تحرك "البعثة الأممية" يفقد "الاقتراحات" الفرنسية الكثير من زخمها، فهي اقترحت سابقا تشكيل "فريق اتصال" ثم "مؤتمر اصدقاء سورية"، بينما تتشكل اليوم آلية سياسية مخالفة تماما لتلك التوجهات الفرنسية.

ويواجه التحرك الدولي تجاه سوري أكثر من تحد، لكنها بمجملها تصب في الموقف الفرنسي بالدرجة الأولى، فالولايات المتحدة بدأت بالبحث عن سيناريو جديد، مع المحافظة على الخط التقليدي في دفع حلفائها الإقليميين لدعم المعارضة السورية لوجستيا، أو حتى التأكيد على مواقفها السابقة فـ"جاي كارني" الناطق الرسمي باسم البيت الابيض أكد أن الادارة الامريكية تواصل مفاوضاتها بشأن التسوية في سورية مع كل من روسيا والصين، وقال في مؤتمر صحفي أمس في واشنطن أن الولايات المتحدة تعمل "مع كافة الاطراف المعنية من أجل لفت الانتباه الى الفظائع التي يرتكبها النظام السوري". مشددا على ان "الشعب السوري سيتذكر من كان يدعمه في هذه الاوقات الصعبة ومن كان ضده".

وفيما تواصل البعثة الأممية عملها في دمشق منذ أمس (الأثنين)، فغن مشهد الأزمة في سورية يحمل معه ثلاث أمور أساسية:
•الأولى وصول الصدام بين دمشق وكل من الدوحة والرياض إلى ذروته، وهذا الأمر يحمل معه مخاطر عدم انخراط المعارضة المدعومة من السعودية وقطر في أي حوار مستقبلي، وتتحدث أروقة السياسة الدولية عن ان أي حديث عن "وقف إطلاق النار" يحتاج بالدرجة الأولى إلى حديث جدي مع المثلث الإقليمي الجديد (أنقرة – الدوحة – الرياض) كون هذه العواصم تقدم دعما مختلفا للمعارضة المسلحة التي تشكل خلايا متفرقة لا تملك قيادة موحدة.
•الثاني رغبة موسكو لإخراج الأزمة السورية من عنق "التحالفات الإقليمية"، فالتعاون الذي تريده موسكو مع الجامعة العربية يتعلق بمسألة التنسيق مع بعض أطراف المعارضة لإخراجها من سياسة المحاور، وهذا الأمر يعني في النهاية ظهور حوار سياسي دون ضغوط إقليمية كشرط لنجاحه.
•الثالث أن واشنطن لاتعول كثيرا على مسألة "النجاح السريع" لمهمة عنان، فهي تريد تمديد الأزمة ولو لأشهر قليلة ريثما تنتهي من استحقاقات الانتخابات الرئاسية، لذلك فهي لا تضغط على حلفائها الإقليميين بشكل يضمن دخول "المعارضة" خارج سورية في العملية السياسية والحوار الذي تدعو إليه موسكو.

مواقف مختلطة

وكانت كاترين آشتون، المسؤولة الأوروبية للسياسة الخارجية والأمن، أدانت في بيان في بيان صادر عن مكتبها أمس التفجيرات التي هزت دمشق وحلب في اليومين الماضيين، مشددة على أهمية العمل بشكل عاجل من أجل وقف دوامة العنف وحماية حياة المدنيين السوريين، وأعربت عن " تعازيها وتعاطفها مع أهالي الضحايا والشعب السوري".

وتحدث البيان عن أن آشتون إنها تتابع أيضا التقارير الأخيرة عن حصول اشتباكات في حي المزة بالعاصمة دمشق الليلة الماضية، مشيرة إلى أن "الأحداث الأخيرة تدل على أهمية العمل بشكل عاجل من أجل وقف دوامة العنف وحماية حياة المدنيين السوريين". وحثت السلطات السورية على التعاون بشكل كامل مع مهمة المبعوث الأممي العربي إلى سورية كوفي عنان.

من جانبه أعلن أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي أن تركيا لن تصمت إزاء المأساة الإنسانية في سورية وإن من واجب بلاده تقديم الدعم للشعب السوري. وقال الوزير التركي في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره المغربي سعد الدين العثماني في أنقرة أمس إن "المسألة الأمنية والإنسانية تزداد تعقيدا في سورية يوما بعد يوم.. هذه الحالة أدت إلى زيادة أعداد اللاجئين القادمين إلى تركيا.. ".

وبين أن حكومته "لن تسكت" إزاء التطورات وإزاء المأساة الإنسانية في سورية، مؤكدا ان بلادخ تبذل جهودا دبلوماسية مكثفة على صعد مختلفة بهدف التوصل إلى حل للأزمة السورية.