فيما تبدو خارطة المعارك في الشمال السوري تتجه نحو خلق تصادم إقليمي؛ يقوم أحمد الجربا، رئيس "الائتلاف الوطني"، بزيارة لمصر مطلقا تصريحات حول الأولويات التي تتمحور حول السلاح النوعي، وتاتي زيارة الجربا وسط عدم وضوح في المستقبل السياسي للمعارضة السورية في الخارج التي تعاني من تحول في التحالفات، ومن محاولات لإعادة صياغتها بما يتناسب مع الوضع الإقليمي وعلى الأخص بعد ما حدث في مصر، أو نتيجة التطورات على الساحة التركية.

وحسب مصادر في القاهرة فإن زيارة الجربا تهدف أساسا لاستعادة الدعم المصري للمعارضة، ولمعرفة دور القاهرة من صورة "الائتلاف" بعد انحسار نفوذ الأخوان فيه، لكنها في نفس الوقت ستحاول تجميع عدد من المعارضين الموجودين على الأراضي المصرية قي ظل الاضطراب الذي تعيشه مصر ووسط اتهامات متزايدة للسوريين بالتعامل مع مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي، ومن المستبعد وفق نفس المصادر أن تقدم القاهرة موقفا نهائيا من الملف السوري، حيث سيبقى الأمر مرهونا بالتوازنات الجديدة، وبطريقة تعامل الأطراف الإقليمية وعلى الأخص تركيا، الداعم الكبير للمعارضة السورية، مع التطورات داخل مصر.

من جانب آخر فإن لقاءات الجربا مع وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، وعدد من مسؤولي الجامعة العربية ستقدم الصورة التي يسير عليها الائتلاف، لكن التحرك الدبلوماسي للجربا يتم وفق المؤشرات ضمن خطين:

 الأول هو المعرفة المسبقة لمعظم المسؤولين العرب أن التعامل مع الأزمة السورية لم يعد ينتظر ضغوطا عربية عبر الجامعة، فمسألة "الشرعية" التي تسعى إليها بعض أطراف المعارضة من النظام العربي انتهت بعد تطورات جعلت موسكو وواشنطن تتعاملان مباشرة مع الملف السوري، فاتصالات الجربا تدخل أساسا ضمن العلاقات العامة أكثر من اعتمادها على تصور للأدوار العربية وعلى الأخص مصر.

 الثاني الحديث عن السلاح النوعي رغم المواقف الدولية تجاه التسلح، فلا يخلو تصريح للجربا من الحديث عن هذا الموضوع، فهل يعكس هذا الأمر معاناة حقيقية داخل ميدان المعركة؟ واقع الأمر أن "الائتلاف" يسعى من هذه التصريحات إلى محاولة تجميع خيوط الاتصال مع الداخل السوري، فهو يريد زيادة قاعدته داخل التمرد المسلح عبر وعود السلاح، والدفع نحو خلق "عصبية جديدة" لما يسمى الجيش الحر.

وكان رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا أعلن أن الأولوية في الوقت الحالي هي "لتأمين السلاح النوعي"، وتجاوز "رئيس الائتلاف" الصراعات بين أطراف التمرد المسلح، والتوزع الجغرافي الجديد لها على الأخص في مناطق الشمال الشرقي من سورية، وحاول في تصريحات صحفية يوم 20 تموز التركيز على هذا العنوان كإشارة واضحة إلى أن السعودية التي تتعامل مباشرة مع الملف السوري بالتنسيق مع واشنطن، لديها توجه في مسألة التسلح واستبعاد البحث في الحلول السياسية في الوقت الراهن، وهو ما يتناقض مباشرة مع موقف القاهرة الذي أعلته قبل يومين وزير خارجيتها.

وبين الجربا إنه "بالنسبة لي الأولوية المطلقة الآن هي تأمين السلاح النوعي لمقاتلي الجيش الحر اليوم قبل الغد"، مضيفا "نحن أمام عصابات تشن على الشعب السوري حرب إبادة"، دون أن يحدد من هي هذه العصابات أو هل يعني هذا التعبير "جبهة النصرة التي توسع نفوذها على حساب فصائل أخرى، معتبرا في النهاية أن حسم الأمر سيكون عبر تزويد التمرد المسلح بأسلحة نوعية.