أود أن أقر باستلامي رسالتكم المؤرخة 29 تشرين الثاني/نوفمبر. وسأرد في معرض رسالتي على مختلف النقاط التي أثرتموها. وانطلاقا من كامل ما أكنُّه لكم من صداقة واحترام، لا بد لي أن أقول مقدَّما إن الاتهامات الواردة في رسالتكم تستند إلى تحريف للحقائق واقتباسات خاطئة. وفي مطلق الأحوال، ينبغي أن يكون هدفنا المشترك ضمان التطبيق التام لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، متصرفا بالإجماع بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. إن القرار 1970 (2011) والقرارات اللاحقة ملزمة قانونا لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما فيها جمهورية تركيا.

ووفقا لقراري مجلس الأمن 2292 (2016) (الفقرات 3-6) و 2526 (2020)، يُسمح للقطع البحرية التابعة لعملية إيريني للقوة البحرية للاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط (عملية إيريني) EUNAVFOR MED IRINI بتفتيش السفن المتوجهة إلى ليبيا أو القادمة منها، وحجزها والتصرف فيها واتخاذ مزيد من الإجراءات ضدها، متى كانت لدى العملية أسباب معقولة للاعتقاد بأن تلك السفن تحمل أسلحة أو أعتدة متصلة بها إلى ليبيا أو منها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وعليه، قامت عملية إيريني في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بتفتيش سفينة الحاويات M/V Roseline A التي كانت ترفع علم تركيا، في وسط البحر الأبيض المتوسط. وكانت لدى عملية إيريني أسباب معقولة للاشتباه في أن تصرف السفينة كان يشكل ربما انتهاكا لحظر الأسلحة على ليبيا. وقامت بعملية التفتيش الفرقاطة الألمانية ”هامبرغ“، التي كانت تعمل تحت قيادة عملية إيريني وذلك بعد استيفاء جميع الشروط المنصوص عليها في قراري مجلس الأمن 2292 (2016) و 2526 (2020) على النحو الواجب.

واسمحوا لي بالتذكير بأنه، عملا بالفقرة 3 من قرار مجلس الأمن 2292 (2016)، يقع على عاتق جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة واجب التعاون مع عمليات التفتيش المضطلع بها في ذلك الإطار. ومن ناحية أخرى، يجب على الدول والمنظمات الإقليمية التي تقوم بعمليات التفتيش هذه أن تبذل ”جهودا تنمّ عن حسن نية“ للحصول على موافقة دولة علم السفينة قبل إجراء أي عمليات تفتيش.

وقد امتثلت عملية إيريني لهذا الالتزام امتثالا تاما.

وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر، عند الساعة 7:50، أرسلت عملية إيريني طلبا رسميا للحصول على موافقة دولة العلم إلى جهات الاتصال المعنية في وزارة الخارجية التركية - وهي المدير العام للقضايا السياسية الثنائية وشؤون الحدود البحرية والطيران، ورئيس إدارة مراقبة الأسلحة ونزع السلاح، وبعثة تركيا لدى الاتحاد الأوروبي، والسفارة التركية في روما - حسبما هو مطلوب بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2292 (2016). وأحيل الطلب عندئذ إلى رئيس الإدارة البحرية في وزارتكم، الذي تولى الاهتمام به.

وقد استخدمت عملية إيريني قنوات مماثلة للإخطار الرسمي في إطار تنفيذ القرارين 2292 (2016) و 2526 (2020) منذ إطلاقها في 31 آذار/مارس، ولم تشكك قط لجنة الجزاءات التابعة للأمم المتحدة ولا أيٍ من دول العلَم الأخرى التي اتصلت بها عملية إيريني في طريقة الاتصال هذه. وقبل عملية إيريني، كانت عملية صوفيا تتبع الطريقة نفسها من دون أن تتعرض قط للانتقاد بسببها. والسلطات التركية مدعوة إلى تعيين جهات اتصال جديدة أو إضافية إذا رغبت في ذلك.

وطوال ذلك اليوم، وجهت عملية إيريني رسائل عدة إلى مسؤولي وزارة الخارجية التركية والوفد التركي لدى الاتحاد الأوروبي والسفارة التركية في روما، وقد استخدمت في ذلك حسابات البريد الإلكتروني الرسمية وتلقت إشعارات تفيد بأنه تم تلقي الرسائل وقراءتها. وحاولت عملية إيريني مرارا إجراء مكالمات هاتفية مع جهات الاتصال نفسها. فأُجريت ثلاث محادثات مع الملحق العسكري التركي في روما عند الساعة 11:00 والساعة 11:44 والساعة 12:56. وفي أعقاب تلك الاتصالات، وافقت العملية على تمديد مهلة الإشعار الممتدة أربع ساعات ساعةً إضافية من أجل الإفساح في المجال أمام السلطات التركية بتقديم جواب على طلب الحصول على موافقة دولة العلم المقدم إليها.

وقامت عملية إيريني، عند عدم تلقيها أي رفض لطلبها الرسمي للحصول على موافقة دولة العلم، وبعد انقضاء المهلة، بإخطار جهات اتصالها في وزارة الخارجية التركية باعتزامها الصعود إلى متن السفينة عند الساعة 13:02، وكررت تأكيد نيتها هذه عند الساعة 15:54. وفي موازاة ذلك، كانت الفرقاطة ”هامبرغ“ أعربت عن الاعتزام نفسه لقبطان السفينة M/V Roseline A مباشرة، وبدأت إجراءات الصعود إلى متن السفينة عند الساعة 15:04.

وطوال القيام بهذه الأعمال، تصرف فريق تفتيش السفينة التابع لعملية إيريني بأعلى درجة من المهنية وفقا للإجراءات المتفق عليها دوليا، بما فيها إجراءات منظمة حلف شمال الأطلسي. ولم تسجَّل أي حادثة لا من قبل فريق تفتيش السفينة ولا من قبل قبطان السفينة أو طاقمها.

وتلقى الملحق العسكري التركي مستجدات عملية التفتيش الجارية عند الساعة 21:08 قام بعد ذلك رئيس الإدارة البحرية التابعة لوزارتكم بإخطار عملية إيريني رسميا برفض تركيا منح الإذن بتفتيش السفينة عند الساعة 21:23 - بعد أكثر من 13 ساعة على تقديم الطلب الرسمي للحصول على موافقة دولة العلم و 6 ساعات على بدء التفتيش؛ فعُلقت أعمال التفتيش على الفور. وردّت عملية إيريني بشكل محدد على النحو التالي: ”أخذت بعثة إيريني علما بطلب وزارة الخارجية التركية القيام فورا بإنهاء أعمال التفتيش، احتراما منها لرفض دولة العلم السماح للعملية بمواصلة التفتيش وفقا لقرار مجلس الأمن 2292 (2016). وعليه، ستوقف عملية إيريني الآن اتخاذ أي إجراءات أخرى تتعلق بالتفتيش على متن MV ROSELINE A وستدع سفينة الحاويات تواصل رحلتها“. وفي ذلك الوقت، لم يكن قد فُتش سوى عدد محدود من الحاويات ولم يُعثر على أي دليل على وجود مواد غير مشروعة. وسُمح للسفينة بمتابعة مسارها.

ويؤسفني القول إنكم في رسالتكم نقلتم أيضا اقتباسا خاطئا عن المتحدث الرسمي باسمي.

فالمتحدث الرسمي باسم الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية لم يقل أو يُلمِّح بأن التفتيش ”استهدف تحديدا سفينة تركية بطريقة تمييزية على أساس جنسيتها“، كما كتبتم. فما ذكره المتحدث الرسمي باسمي في بيانه المكتوب الذي نُشر في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، هو أنه ”نظرا إلى نمط الملاحة الذي كانت تتبعه هذه السفينة، كانت لدى عملية إيريني أسباب معقولة للاشتباه في أن تصرُّف السفينة كان يشكل ربما انتهاكا لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة“.

إن الاتهامات المتكررة من جانب السلطات التركية - بما فيها تلك الواردة في رسالتيكم الموجهتين إليّ وإلى الأمين العام للأمم المتحدة - بأن عملية إيريني غير قانونية أو متحيزة هي اتهامات خاطئة تماما وينبغي وقفها.

لقد أنشأ الاتحاد الأوروبي عملية إيريني بشكل قانوني للإسهام في تطبيق حظر الأسلحة على ليبيا وفقا لقراري مجلس الأمن 2292 (2016) و 2526 (2020). وهي تعمل ضمن إطار قرارات سارية لمجلس الأمن لا تأذن بتفتيش السفن المشتبه فيها إلا في أعالي البحار - لا في المياه الإقليمية لليبيا - ولا تأذن باتخاذ إجراءات مماثلة في المجال الجوي أو فوق الأراضي الليبية.

بيد أن عملية إيريني تستعين بعتاد بحري وجوي وساتلي لتوفير أوسع رصد ممكن دعماً لتطبيق حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، بغض النظر عن مصدرها. وأظهرت العملية حتى الآن قدرتها على توثيق ورصد انتهاكات حظر الأسلحة من طرفي النزاع في ليبيا، وقدمت تقاريرها إلى الأمم المتحدة تبعاً لذلك.

وعلى نحو ما سبق إبلاغ وزارتكم، فعندما وافق الاتحاد الأوروبي على إطلاق عملية جديدة للإسهام في تطبيق حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة في 17 شباط/فبراير 2020، صدر إعلان علني في اليوم نفسه. إن عملية إيريني تعمل في أعالي البحار لا في المياه الإقليمية لليبيا، عملا بالقرارات المتخذة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولا بناءً على طلب حكومة الوفاق الوطني. غير أن الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية ما برحت تعمل بشفافية تامة طوال مرحلة التخطيط ومنذ إطلاقها في 31 آذار/مارس. وقد ناقش وفد الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خطط العملية الجديدة في مناسبات عدة مع ممثلي حكومة الوفاق الوطني على مستويات وصلت حتى المستوى الوزاري. وهذا ما قمت به أيضا مع نظيري، شفويا وخطيا.

ومع أن عملية إيريني هي عملية تابعة للاتحاد الأوروبي حصرا، فإن الاتحاد الأوروبي لا يزال منفتحاً على إجراء مشاورات غير رسمية مع أي شريك بشأن تخطيطها الداخلي وبما يتسق مع مبدأ استقلالية الاتحاد الأوروبي في صنع القرار. وفي أعقاب طلب تركيا إجراء مشاورات بشأن هذه المسألة، وافقت لجنة الشؤون السياسية وشؤون الأمن التابعة للمجلس (اللجنة) على عقد اجتماع بحضورٍ فعلي وفق صيغة اللجنة+8. وبسبب أزمة كوفيد-19، عُقد هذا الاجتماع أخيرا في 10 أيلول/سبتمبر، وكانت عملية إيريني مدرجة بالفعل في جدول الأعمال. وقد سبق أن جرى إيضاح العديد من النقاط الواردة في رسالة اليوم لسفيركم في تلك المناسبة، ولكن يسعدني أن أعيد تأكيدها مرة أخرى تجنباً لمزيد من سوء الفهم.

ختاما، أود أن أؤكد مرة أخرى دعوة الاتحاد الأوروبي تركيا إلى الامتثال لالتزاماتها الدولية والتعاون مع الاتحاد الأوروبي في إطار تطبيق حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا. وينبغي لنا أن نصبَّ جهودا مشتركة على معالجة هذه المسألة.