William Joel / The Verge

فايسبوك شبكة التّواصل الإجتماعي

فايسبوك هي أهمّ لاعبة سياسيّة في عالم الإنترنت. في الأول من كانون الثّاني عام ٢٠٢١، كانت فايسبوك تضمّ ٢.٨٥ مليار مُستَخدِم نشيط كلّ شهر و ١.٨٨ مليار مُستَخدِم نشيط كلّ يوم حول العالم. تحجب فايسبوك بشكل اعتيادي رسائل تتضمّن صوراً عاريةً أو تُظهِر أعمالاً جنسيّةً، بالإضافة إلى المُضايقة، خطابات الكراهيّة، التّقليد، الرّسائل التّطَفُّليّة، البروباغاندا الإرهابيّة، و العنف، باستخدام وسائل ذكاء صناعي تقريبيّة و جائرة. تغلق فايسبوك الحسابات الّتي تعتبرها خطيرة، إمّا لأنّها قد حُظِرت عدّة مرّات، أو لِأنّها مُتّصلة بأعداء الولايات المُتّحدة الأمريكيّة.

فايسبوك هي شركة هائلة تضمّ إنستجرام، فايسبوك ماسنجر، واتساب، أوكولوس، ووركبلايس، بورتال،و نوفي. تستخدم الشّركة اكثر من ٦٠٠٠٠ شخص.

فايسبوك كمصرف

تُصدر فايسبوك الآن عملتها الخاصّة مثل أيّ دولة: اللّيبرا. هذه الأخيرة مدعومة بباقة عملات تتألّف من الدّولار بنسبة ٥٠٪، اليِن الياباني بنسبة ١٤٪، الجنيه الإسترليني بنسبة ١١٪، و الدّولار السّنغافوري بنسبة ٧٪.

عبر تحوّلها لمصرف باتت عملته مقبولة عند عدد متزايد من مواقع التّجارة الرّقميّة، تبني فاسبوك اقتصاداً بديلاً، الكترونيّاً و عالميّاً، أهمّ من اقتصاد عدد كبير من البلدان.

فايسبوك و مُستخدِميه

تناشد فايسبوك مُستخدميها لمساعدته على رصد الحسابات المخالفة لقواعد الشّركة. تفتح فايسبوك ملفّاً يتعلّق بكلّ مُخبِرٍ و تقيّمه.

تزعم فايسبوك أنّها تتعامل مع جميع مستخدميها بشكلٍ مساوٍ، إِلّا أنّها قد وضعت لائحةً سِرِّيّةً تضمّ ٥.٨ مليون مستخدم من الشّخصيّات المُهمّة المعفيّة من اتّباع القواعد. هم فقط قادرون على قول و إظهار كلّ شيء.

كامبريدج أناليتيكا و وكالة الأمن القومي

إستهدفت شركتا كامبريدج أناليتيكا (التّابعة للملياردير روبرت ميرسر و ستيف بانون) و أغريغات أَي قيو المُتفرّعة عنها في كندا بيانات أكثر من ٨٧ مليون مُستَخدِم، بهدف امتصاصها و تحليلها. إستُخدمت هذه المُعطيات على الأقل في:
 انتخاب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عام ٢٠١٤،
 ٤٤ انتخابات محلَّيّة في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة عام ٢٠١٤،
 مساندة موريسيو ماكري في الإنتخابات الرّئاسيّة الأرجنتينيّة،
 مساندة نايجل فاراج في استفتاء بريكست البريطاني في ٢٠١٦،
 و خصوصاً خلال الحملة الإنتخابيّة الرّئاسيّة في الولايات المُتّحدة، أَوّلاً لصالح بين كارسون، ثمّ لصالح تيد كروز، و أخيراً لصالح دونالد ترامب و مدير حملته... ستيف بانون.

بحسب الأوبسيرفر (التّابع لصحيفة الجارديان)، كانت كامبريدج أناليتيكا تستخدم عدّة أشخاص قادمين من المجمع العسكري-الصّناعي البريطاني و جهاز البروباغاندا التّابع لمخابراتها السّرّيّة. من الممكن ألّا يكون كلّ هذا سوى غيض من فيض: كشف إدوارد سنودن اشتراك فايسبوك في شبكة مراقبة إلكترونيّة سرّيّة للغاية: بريسم، و الّتي تسمح لوكالة الأمن القومي أن تتحصّل على البيانات الشّخصيّة لجميع مُستخدمي الشّبكة. إلّا أنّه لم يتسرّب أيّ شيء عن استعمال وكالة الأمن القومي لها.

بحسب نيوتن لي، و هو باحث قديم في معهد التّحليلات الدّفاعيّة، فإنّ شبكة بريسم هي الصّورة الظّاهريّة لمشروع الدِّراية الكاملة بالمعلومات الّذي طوّره الأميرال جون بوينديكستر تحت إشراف دونالد رومسفلد ضمن إطار وكالة مشاريع ابحاث الدّفاع المُتقدّمة (داربا).

التّعهّد الشّخصي لمارك زوكربيرغ تجاه اسرائيل

في عام ٢٠١١، حظرت فايسبوك، بطلبٍ من اسرائيل، الحسابات المُنادية لِانتفاضة على الأراضي الفلسطينيّة.

في عام ٢٠١٢، تعهّد مارك زوكربيرغ شخصيّاً لصالح الفائز بجائزة نوبل للسّلام، شيمون بيريز. أشرف زوكربيرغ على انشاء و دعم صفحة الرّئيس الإسرائيلي الرّسميّة، كما أنّه أنشأ حملة فيديو بعنوان ’’ كن صديقي من أجل السّلام ’’، يظهر فيها خصوصا نيكولا ساركوزي، دافيد كاميرون، رجب طيب إردوغان، و ملكة بريطانيا إليزابيت الثّانية.

في عام ٢٠١٥، إعتبرت فايسبوك حزبالله و الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ’’ منظّمات إرهابيّة ’’. أغلقت فايسبوك عدّة قنوات تلفزيونيّة، منها الميادين (الّتي كانت تتحصّل في ذلك الحين على أكثر عدد مشاهدات في العالم العربي)، بالإضافة إلى سما و دُنيا (قناتي تلفزيون رسميّتين سوريّتين) و الإخباريّة (قناة خاصّة سوريّة). في الحين آنه، وضعت فايسبوك مُدرّبين تحت تصرّف الجهاديّين الّلذين كانوا يحاربون الجمهوريّة العربيّة السّوريّة.

في هذا السّياق، لا تحظر فايسبوك جميع رسائل الكراهية و العنف. فهي تدعم حساب معارضين لسوريا يجمع معلومات (إسم، عنوان، صورة) الوطنيّين السّوريّين بُغية اغتيالهم.

مشروع سياسي

في عام ٢٠١٠، نشرت صحيفة نايتور دراسة حول ’’ تجربة تأثير اجتماعي و تجييش سياسي على ٦١ مليون شخص ’’. أظهر باحثون في جامعة كاليفورنيا أنّ الرّسائل السّياسيّة على فايسبوك خلال الإنتخابات النّصفيّة في الولايات المُتّحدة كان لها إيقاع مهم على مستخدمي شبكة التّواصل، لكن ايضا على أصدقائهم و على أصدقاء أصدقائهم.

في عام ٢٠١٤، أجرت فايسبوك دون معرفة مشتركيها دراسة حول ’’ تبيان اختباري لظاهرة عدوى عاطفيّة واسعة النّطاق عبر شبكات التّواصل ’’.

في عام ٢٠١٨، أقامت فايسبوك شراكةً مع المجلس الأطلسي، و هي مؤسّسة فكريّة مُؤثِّرة تموّلها منظّمة حلف شمال الأطلسي بهدف ’’ التّرويج للقيادة الأمريكيّة و تدخّلها في العالم، مع حلفائها ’’. أمّا الهدف الدّقيق للشّراكة هذه فهو ضمان ’’ الإستعمال الصّحيح لفايسبوك في الانتخابات حول العالم بأكمله، عبر مراقبة التّضليل و التّدخّلات الخارجيّة، و عبر المساعدة في تعليم المواطنين و المجتمع المدني ’’.

في عام ٢٠٢٠، دخلت فايسبوك خضم السّياسة الإستعمارية في أفريقيا عبر مشروع ’’تو أفريكا’’، و هو كابل بحري مغمور يُطوِّق القارّة. ستصل هذه الشّبكة بين المرافئ الأساسيّة، لكنّها لن تتعمّق إلى داخل الاراضي. ينحصر الأمر في خدمة النّخبة الّتي تشارك في نهب القارّة و تحويل ثرواتها نحو الغرب.

على الصّعيد الدّولي، فإنّ مدير العلاقات العامّة لفايسبوك هو اللّبرالي-الدّيموقراطي نيك كليغ. كان هذا الأخير نائب رئيس الوزراء البريطاني دافيد كامرون. أمّا فايسبوك فرانس، فهي تحت قيادة لوران سولي، رئيس الأركان السّابق عند الرّئيس ساركوزي، ثمّ ثاني أهم شخصيّة في شبكة تي إف ١ التّلفزيونيّة الخاصّة. هو أيضاً زوج كارولين رو، الصّحافيّة النّجمة في شبكة فرانس٢ التّلفزيونيّة الحكوميّة.

لا تعمل فايسبوك لا لصالح الحزب الدّيموقراطي ولا لصالح الحزب الجمهوري. إنّها شركة تدافع عن مصالح ’’ الإمبراطوريّة الامريكيّة ’’ عبر استخدامها في الوقت آنه معرفتها بمُستَخدِميها و المشاعر الّتي تُجيّشها في قلوبهم.

من هذا المنظور، من المثير للإهتمام أنّ مارك زوكربيرغ قد فكّر عام ٢٠١٧ أن يصبح رئيساً للولايات المُتّحدة دون أن يترشّح للإنتخابات، و كان قد جمع فريق حملة قبل ان يتخلّى عن الفكرة. كان مخطّطه يقضي بالإستناد على الحزب الدّيموقراطي لعزل الرّئيس دونالد ترامب، ثمّ التّقرّب من نائب الرّئيس مايك بانس لكي يترك هذا الاخير لزوكربيرغ مركزه عندما يصبح رئيساً بشكلٍ تلقائي، و أخيراً بالإستناد على الحزب الجمهوري لكي يعزل بانس فيصبح زوكربيرغ رئيساً للبلاد.

العمليّات السّياسيّة

في عام ٢٠٠٨، إستند المُرشّح باراك اوباما على المُتحدّث السّابق بإسم فايسبوك، كريس هيوغز، مدير موقع ’’ ماي باراك اوباما ’’ و مُخترع ’’ أوباما أونلاين أوبيريشن ’’، للتّواصل مع خمسة ملايين ناخب و تجييشهم عبر فايسبوك.

في عام ٢٠١٠، حظرت فايسبوك ويكيليكس، الجمعيّة الّتي تكشف تصرّفات البنتاغون و تؤذي بذلك ’’ الإمبراطورية الأمريكية ’’.

عامي ٢٠١٠ و ٢٠١١، بدعم رسمي من وزارة الخارجية الأمريكية، شهدت منصّة فايسبوك انفجاراً في كمّيّة الإستعمال بمناسبة ’’ الرّبيع العربي ’’ في ’’ الشّرق الأوسط الأكبر ’’.

عام ٢٠١٨، حظرت فايسبوك شبكة تيليسور المُشتَرَكة في ذلك الحين بين حكومات الأرجنتين، بوليفيا، كوبا، الإكوادور، الأوروغواي، و فينيزويلا.

في عام ٢٠٢٠، أغلقت فايسبوك حسابات تابعة للجيش الفرنسي في جمهورية أفريقيا الوُسطى و مالي. كان الجيش الفرنسي يدير حملة اعلاميّة لا تتناسب مع تلك الّتي يقودها البنتاغون.

عام ٢٠٢١، أغلقت فايسبوك حسابات رئيسَيْ اوغاندا الحالي و الولايات المُتّحدة في ذلك الوقت، يوري موسيفيني و دونالد ترامب.

فايسبوك و وسائل الإعلام

شكّلت جمعية بريطانية، فول فاكت، ائتلافاً بين الوزارات المُختصّة في المملكة المُتّحدة و كندا من جهة، و من جهة أُخرى عمالقة الإعلام ( فايسبوك، و أيضا تويتر، ألفابيت، و رويترز)، بهدف محاربة التّضليل على الإنترنت النّاطق باللّغة الإنجليزية.

لا تتوقّف فايسبوك عند محاربة ’’ الأخبار الزّائفة ’’. فهي قد انشأت للتّو برنامج ’’ تحديث الاخبار ’’، بهدف دعم الصّحافة المكتوبة. بدأ تطبيق هذا البرنامج في كندا، الارجنتين، و البرازيل، عبر إمضاء تعاقدات تبلغ قيمتها اكثر من ١٠ مليون دولار ركّز فيها على وسائل الإعلام المؤيِّدة لجوستن ترودو (كندا)، او تلك الّتي تناهض البرتو فرنانديز و كرستينا فرنانديز دو كيرشنر (الأرجنتين) أو جايير بولسونارو (البرازيل).

إدارة بايدن و فايسبوك

تشعر إدارة بايدن – قبل الشّعب -، بالقلق حيال تصاعد قوّة فايسبوك، الّتي تراها بمثابة مُنافس. هذه الشّركة ترسم حدوداً لها، تؤدّي مهامّ الشّرطة و القضاء ضمن نطاق شبكتها، و تُصدر عملتها الخاصّة. بالطّبع، لا تزال الشّركة في خدمة البنتاغون، و لكن كلّ ما ينقصها هو جيشاً لكي تتحوّل إلى دولة.

لهذا السّبب، قدّمت إدارة بايدن المُبَلِّغة فرانس هوغن لجريدة وال ستريت جورنال، ثمّ لمجلس الشّيوخ الأمريكي.

تمحور الحوار حول تأثير فايسبوك الضّار على بعض الأطفال. هذه وسيلة لإعادة الشّبكة إلى مكانها دون التّطرّق للأسئلة السّياسيّة الّتي قد طرحناها الأن.

الشّخص الوحيد الّذي يطرح في الولايات المُتّحدة، في يومنا هذا، سؤالاً حول التّأثير السّياسي لعمالقة العالم الرّقمي هو الرّئيس السّابق دونالد ترامب، الّذي قدّم للتّو بلاغاً ضدّ تويتر، الّتي فصلت حسابه عندما كان رئيساً حاليّاً للولايات المُتّحدة. يستند السّيّد ترامب إلى أحاديث خاصّة لأعضاءً ديموقراطيّين في مجلس الشّيوخ الامريكي كانوا قد تبجّحوا فيها بالضّغط المُمارَس من قِبَلِهم على شركة تويتر. بالنّسبة لترامب، هذا يبرهن أنّ حظره لم يكن قرار تجاري، بل سياسي؛ و يخالف بذلك التّعديل الأول للدّستور الامريكي المتعلّق بحرّيّة التّعبير المُطلقة. يؤكّد محاميّو ترامب وجهة نظره: لم يسبق لتويتر أن تحظر قبل هذا العبارات و المواضيع العنيفة مطلقاً. تستضيف تويتر حساباً لحكومة طالبان الأفغانية.

ترجمة
Alaa el-Khair

فلندعم شبكة فولتير

منذ ٢٧ عاماً، تناضل شبكة فولتير في سبيل حرّيّة التّفكير، المساواة في الحقوق، وروح التآخي في السّلاح. أعمالنا باتت تُترجم إلى لغاتٍ عديدة، و غَدَوْنا مصدر تحليل للعلاقات الدّوليّة يستخدمه العديد من الدّيبلوماسيّون، العسكريّون، الجامعيّون، و الصّحافيّون حول العالم.

لسنا فقط صحافيّون، بل ايضاً وخصوصاً مواطنين يدافعون عن ميثاق الأمم المُتّحدة و المبادئ العشرة المُعلن عنها في مؤتمر باندونغ. نحن لا نروّج لا لِأيديولوجيّة ولا لنظرة معيّنة للعالم، و لٰكنّنا نبحث عن تطوير التّفكير النّقدي عند قُرّائنا. نحن نفضّل التّفكّر على الإعتقاد، والبراهين على القناعات.

بالرّغم من المصاعب المادّيّة والأمنيّة، إنّنا نحقّق عملاً مُهمّاً. لقد أعدنا تنظيم موقعنا الإلكتروني في تمّوز و آب بهدف جعل القراءة اسهل و التّصفّح أسرع باستخدام الهواتف الذّكيّة.

عشيّة الإنتخابات الرّئاسيّة الفرنسيّة، نحن بحاجة لدعمكم الماليّ. ساهموا عبر
 تقديم هبة بقيمة ٢٥ يورو
 تقديم هبة بقيمة ٥٠ يورو
 تقديم هبة بقيمة ١٠٠ يورو
 أو عبر الإلتزام بتقديم هبة شهريّة بقيمة ١٠ يورو

إذا كنتم تجيدون لُغتين وكانت لغتكم الأم غير الفرنسيّة، بإمكانكم مساعدتنا عبر ترجمة مقالات. لفعل ذلك، اكتبوا إلينا هنا.

الفضل في صمودنا يعود لتشجيعكم لنا.