اظهرت محادثات الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع قادة المنظمات الفلسطينية مدى اختلاف الاولويات بين “السلطة” و»المعارضة» انطلاقاً من موقع كل طرف، اذ بينما يركز الطرف الاول الموجود على الارض في الداخل على «حكومة وحدة وطنية»، فإن قادة المنظمات المعارضة ركزوا على احياء مؤسسات المنظمة.

وشملت محادثات عباس يومي الاربعاء والخميس الماضيين شقين: سوري - فلسطيني، وفلسطيني - فلسطيني. ويعكس تعاطي دمشق رغبة في القيام بـ «دور ايجابي» واستخدام النفوذ السوري لتعزيز «الحوار الفلسطيني، وموقع عباس».

وكان لافتاً ان الرئيس بشار الاسد لم يشدد على اهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية وحسب، بل انه ابدى استعداد دمشق لدعم «المزيد من الحوار»، اضافة الى استقباله عباس مع جميع قادة المنظمات الفلسطينية بما فيهم العقيد ابو موسى قائد «فتح - الانتفاضة» الذي انشق عن «فتح» الأم في بداية الثمانينات.

وعلمت «الحياة» ان الجانب الفلسطيني اثار موضوع ممتلكات «فتح» التي صادرتها دمشق على خلفية الانشقاق، وان دمشق جددت التشديد على «الاستعداد لحل المشكلة باعتبار ان الحكومة السورية وضعت يدها على هذه الممتلكات لحمايتها والحفاظ عليها»، علما ان بعض هذه الممتلكات لايزال في ايدي قادة «فتح - الانتفاضة».

كما اثار الجانب الفلسطيني موضوع فتح سفارة فلسطينية في دمشق. وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» ان الموضوع «ما زال معلقاً مع ان دمشق وافقت من حيث المبدأ على فتح سفارة»، كما جدد الطرفان التزام «التنسيق المتواصل، واقامة صلة وصل فنية للتواصل الهاتفي بين الطرفين».

في الشق الفلسطيني - الفلسطيني، يتوقع ان يصل رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون (ابو اديب) الى دمشق قريبا للقاء قادة الفصائل الفلسطينية في اطار الخطوات التي جرى التوافق عليها لاحياء مؤسسات منظمة التحرير.

وقالت مصادر فلسطينية لـ «الحياة» امس ان اتفاقاً اولياً جرى بين عباس وقادة المنظمات المعارضة على اجراء الانتخابات التشريعية في كانون الثاني (يناير) المقبل، وعلى عقد مؤتمر دولي لتناول موضوع اللاجئين وحق العودة.

وفيما عباس يركز على موضوع تشكيل «حكومة وحدة وطنية» فلسطينية تضم ممثلين عن منظمات المعارضة، «عاتب» القادة المعارضون عباس على عدم التزام بنود جلسات حوار القاهرة التي تضمنت عقد لقاءات بين الامناء العامين و»ابو اديب» للبحث في احياء منظمة التحرير، اضافة الى اطلاق الاسرى الفلسطينيين مقابل «التهدئة» مع اسرائيل.

وفي حين قال عباس في لقاءاته ان «المدخل لتعزيز الوحدة الوطنية هو تشكيل حكومة وحدة وطنية»، اشار احد الامناء العامين الى ان «المدخل يكون باحياء مؤسسات منظمة التحرير». وقال مسؤول الخارج في «الشعبية» ماهر الطاهر لـ «الحياة» امس انه ابلغ عباس ان «الكل متفق على احياء المنظمة وتشكيل مجلس وطني، بما في ذلك حماس والجهاد الاسلامي، بينما ليس هناك توافق على المشاركة في الحكومة».

ونتيجة الحوارات، ابلغ عباس عدداً من الامناء العامين نيته ارسال الزعنون وربما رئيس الدائرة السياسية فاروق القدومي الى دمشق في الايام المقبلة للبدء في تنفيذ عملية احياء المنظمة. وقال الطاهر: «ستكون عملية صعبة ومعقدة خصوصاً لدى الدخول في التفاصيل التي تتعلق بصوغ ميثاق جديد وبرنامج سياسي وعضوية المجلس ومشاركة حماس والجهاد ونسبة التمثيل».

وتناولت المحادثات الفلسطينية ايضاً موضوع الانسحاب من غزة، اذ طالب الامناء العامون تشكيل «لجنة عليا لبحث هذا الموضوع». وهنا ابلغ عباس احد المسؤولين ان «مشاركة الفصائل في الحكومة تجعلها معنية بكل شيء، وليس فقط بغزة بحيث يقول البعض كأننا نشكل قيادة لدولة غزة»، قبل ان يجري التوافق على الاستمرار بالعمل بـ «لجنة المتابعة» القائمة بين جميع الفصائل في غزة.

وفي ما يتعلق بموضوع الانتخابات التشريعية، ابلغ عباس عددا ممن التقاهم في دمشق «العتب» بسبب الحملة التي شنت عليه بعد تأجيل الانتخابات. ونقل احد المسؤولين الفلسطينيين لـ «الحياة» قول عباس: «طالبتم بالتمثيل النسبي. المجلس التشريعي لم يوافق، فقمت برد القانون وعطلت قرار المجلس لأنني اريد تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في القاهرة»، قبل ان يقرر «حسم» اجراء الانتخابات في كانون الثاني (يناير) مع ترك «تحديد الموعد الدقيق للجنة الانتخابات».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)