عندما نشاهد طفلاً، وهو يخرج إلى الحياة بعد ولادة متعسرة، فإننا ندرك كم كان الأمر مؤلماً وشاقاً للأم، كما ندرك أيضاً أنه من الصعب على أي أحد أن يخبرها عن الحقيقة ويقول لها:"يا آلهي... كم هو قبيح هذا الطفل". هذا بالضبط هو ما أشعر به تجاه قانون الطاقة، الذي تم تمريره (ولم يتم تمريره) بواسطة مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي.

إن مجمل جهد مجلس الشيوخ في مجال الطاقة، لا يفعل أكثر من أن يؤكد إحساسي بأننا نواجه "فقاعة خضراء" في صورة مهرجان من الهراء تشارك فيها وسائل الإعلام والشركات الكبرى والمرشحون الرئاسيون، الذين لا ينفكون يلوكون كلمة "أخضر" عند الحديث عن أي شيء. وعندما يأتي الوقت الذي يتعين عليهم أن يتخذوا فيه بالفعل إجراءً حقيقياً لإحداث "ثورة خضراء" يمكن قياسها- لأنه إذا لم يكن لدينا مقياس فلا فائدة للحديث عن أي ثورة- فإننا نجبن ولا نجرؤ على الفعل. فالتغير المناخي ليس أكذوبة كما يروج البعض وإنما الأكذوبة هي عندما نقول إننا نفعل شيئاً حياله.

ليس هناك من شك في أنه لنبأ عظيم أن نسمع أن مجلس الشيوخ، الذي يقوده "الديمقراطيون"، قد قرر أخيراً أن يتصدى لشركات صناعة السيارات، ولأعضاء مجلس الشيوخ في ميتشجن ويقول لهم:"كفى لن نتخذ بعد الآن أي إجراءات تساعد صناعة السيارات الأميركية على الانتحار وسنقوم بتمرير أول مشروع قانون منذ عام 1975 ينص على تحقيق وفر استهلاك الوقود". وعندما يصبح مشروع القانون هذا، الذي يجب أن يمر عبر مجلس النواب قانوناً نافذاً، فإن صناع السيارات سيضطرون إلى العمل من أجل زيادة متوسط الأميال التي يتم قطعها بواسطة السيارات والشاحنات الخفيفة الجديدة بحيث يصبح 35 ميلاً في الجالون الواحد بحلول عام 2020 مقارنة بـ25 ميلاً في الجالون الواحد في الوقت الراهن.

قبل أن تحتفلوا بذلك، أرجو منكم الانتباه لبعض النقاط الدقيقة في مشروع قانون مجلس "الشيوخ". من بين تلك النقاط تلك التي تقول إنه إذا ما رأت وزارة المواصلات أن هدف تحقيق الوفر في استخدام الوقود في أي عام من الأعوام ليس اقتصادياً أو أنه مكلف للغاية بالنسبة لشركات السيارات، فإنه يجوز لها في مثل هذه الحالة تقليص معدل الوفر في استهلاك الوقود للجالون الواحد. وهذه الثغرة في مشروع القانون، يجب أن يتم سدها من قبل مجلس النواب، الذي سينظر فيه خلال الأسبوع القادم.

لسنا الدولة الأولى في العالم، التي تعمل على تحقيق وفر في استهلاك الوقود في الجالون الواحد، حيث نجد أن الاتحاد الأوروبي، قد وصل الآن إلى المستوى نفسه، الذي نطمح نحن في الوصول إليه، ليس هذا فحسب، بل إنه التزم بالوصول بمستوى الوفر إلى 40 ميلا في الجالون الواحد بحلول عام 2012 - وهو ما ينطبق أيضاً على اليابان.

وهناك أشياء أخرى تجعل من الجهد، الذي يقوم به مجلس الشيوخ في مجال الطاقة جهداً شبه ضائع. من تلك الأشياء على سبيل المثال أن "الجمهوريين" في مجلس الشيوخ، قد عطلوا تكليفاً وطنياً مقترحاً يتعلق بمسألة الطاقة الكهربائية المتجددة كان من المقرر بموجبه أن تتم مطالبة منشآت الطاقة بإنتاج 15 في المئة من الطاقة التي تنتجها من الرياح، والشمس، والكتلة الحيوية وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2020. على الرغم من أن هناك 23 ولاية تقوم حالياً بتطبيق ذلك التكليف، فإن ذلك لم يكن مهماً في نظر "الجمهوريين" على ما يبدو بدليل أنهم قد ارتأوا أن تحويل هذا التكليف إلى قانون وطني عام، هو أمر يفوق قدرتهم.

فضلاً عن ذلك نجد أن مجلس "الشيوخ"- ومرة أخرى بسبب "الجمهوريين"- قد عطل مقترحاً ديمقراطياً بزيادة الضرائب على شركات النفط والغاز، كان من المتوقع أن تبلغ حصيلتها 32 مليار دولار، وكان من الممكن الاستفادة منها في مشروعات إنتاج الوقود البديل.

على الرغم من كافة الأبحاث، التي تم إرجاؤها على التغير المناخي، فإن مجلس "الشيوخ" لم يلامس– مجرد ملامسة- فكرة فرض ضريبة للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو. فالذي حدث هو أن الجهد الذي قام به السيناتور "ايمي كلوبوتشار" من "مينوسوتا" لوضع قانون يتعلق بما يعرف بـ"نظام التبليغ الوطني" أو استخدام (عداد للكربون) لقياس جميع مصادر الانبعاثات الغازية التي تسبب الاحتباس الحراري، بما يتيح الفرصة لتطبيق قانون فرض سقف أعلى على إنتاج أنواع الوقود، التي تؤدي إلى زيادة الإنبعاثات الغازية في الجو في حالة تمريره، تم إفشاله هو الآخر بواسطة "الجمهوريين". فنحن لا نستطيع فرض ضريبة على شيء ما إذا لم نكن قادرين على قياسه، وهو ما يوصلنا إلى لُب سياسة الطاقة وهو:"إن جوهر أزمة الطاقة الأميركية يكمن في واشنطن. تكمن هذه الأزمة في حقيقة أنه يوجد لدينا الآن جميع أنواع التقنيات- والأموال أيضاً- التي نحتاج إليها في الوقت الراهن لتحقيق إنجازات ضخمة على طريق التحول إلى دولة أكثر كفاءة في استخدامات الطاقة، وأكثر استقلالاً عن غيرها في مجال توفير الوقود وذلك من خلال تخفيض مستويات الانبعاثات الغازية إلى أقل حد ممكن، ولكن وبسبب الطبيعة الفريدة لموضوع الطاقة والتغير المناخي، والتي تتطلب حوافز، كما تتطلب لوائح من أجل التوصل لبدائل عن أنواع الوقود القذر- ولكن الرخيص- المستخرج من باطن الأرض، فإننا نحتاج أيضاً إلى سياسة عامة تربط بين الطاقة والمال دون إبطاء، فهذا هو ما ينقصنا، وهذا هو ما يحتاجه الجمهور. ولكن المشكلة هنا تكمن في أن سياسات الطاقة تتم صياغتها في أروقة الكونجرس حيث تتمكن جماعات الضغط ذات الحيلة، والصناعات الكبيرة ذات القدرة، والسياسيون الطامعون للحصول على مساهمات لحملاتهم الانتخابية من بيع مصالح الدولة من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة.

لن نتمكن من تحقيق تغير معقول، إلا عندما يتصدى الجمهور- كما فعل مؤخراً- لشركات صناعة السيارات الكبرى. على أنه يتعين علينا في ذات الوقت أن ندرك أنه يمكننا التعويل على إدارة بوش من أجل تحقيق شيء في هذا السياق. فكيف يمكن أن نتوقع من إدارة مثل هذه أن تفعل شيئاً، ونحن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً، التي لا يعرف شعبها اسم وزير بيئتها.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)