الرئيس الأمريكي بوش في حفل للنيد

اعلان الرئيس بوش في 20 جانفي من عام 2004 نقل عزم الادارة الأمريكية بمضاعفته لميزانية الدولة المتعلقة بهذه الهيئة والتي تحدد لها الادارة الأمريكية دورا جديدا في ساحة الأحداث العالمية وهو ارساء مفهوم الانتخابات الحرة ، التبادل الحر ، حرية التعبير و كذا حرية التعبير والنقابات بمنطقة الشرق الأوسط ، ولعله يجري الحديث هنا بالنسبة للبيت الأبيض الأمريكي عن نقل عملياته العسكرية الى المنطقة للتدخل بكل سهولة وفي الشؤون الداخلية للمنطقة .
انشاء هذه الهيئة لا يمكن فهم دلالاته وأبعاده الا بالرجوع الى تراكمات الأحداث التاريخية بين المعسكرين التقليدين المعسكر الشرقي والغربي ، ففي بداية الثمانينات من هذا القرن ، صنف الرئيس الأمريكي السابق " رونالد ريغن " الاتحاد السوفييتي على أنها امبراطورية الشر واستوجب ذلك تهيئة وسائل جديدة لمحاربة هذه الامبراطورية ، فزيادة على التضييق اليساسي و العسكري الذي مورس على السوفييت أنذاك ، وتأليب احتجاجات المجتمع المدني ضد هذا الامبراطورية والتي كانت تقف من ورائها وبقوة كل أجهزة المخابرات المركزية ال " سي آي آي " ، هذا الجهاز الاخباري الذي انكشفت أسراره تحت ضغط العديد من التحقيقات المتوالية والتي أدانت طبيعة عمل ها الجهاز وألبت الرأي العام ضده.
في هذا السياق قرر المجلس الوطني للأمن الأمريكي مواصلة عادته القديمة في مطاردته امبراطورية الشر ولكن هه المرة بطرق أقل اتساخا من سابقاتها ، وتحت مسمى جديد لهيئة جديدة ، هذه الهيئة التي أريد لها أن تكون محمية هذه المرة من كل انتقادات التيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية في دول العالم كلها .
رسميا ، وفي 06 من نوفمبر عام 1982 ، تأسست الهيئة الوطنية للديمقراطية( ناشيونال اندوومنت فور ديمكراسي _ نيد ) تحت اطار قانوني لجمعية ذات طابع غير تجاري ، لكن ميزانياتها مقررة من قبل الكونغرس ، ومدونة في ميزانية الدولة المخصصة لما عرف باسم الوكالة الأمريكية للانماء الدولي ( يو آس آجنسي فور انترناشنال دفلوبمنت _ يوسايد ) للايحاء الى العالم أن الحديث جار عن هيئة خاصة . يجدر الذكر أن هيئة "النيد " تتلقى المساعدات المالية من طرف ثلاث جمعيات ، هذه الجمعيات نفسها ممولة من قبل عقود الولايات المتحدة ، هذه الجمعيات هي :

· صندوق سميث ريتشارد سون ( سميث ريتشاردسون فوندايشن )
· صندوق جون آم أولين (جون آم أولين فوندايشن )
· صندوق ليند و هاري برادلاي (ليند آند هاري برادلي فوندايشن )

رسالة تهنئة من طوني بلير للنيد

ومن اللافت للانتباه أيضا أن نشير الى أن أغلب الوجوه التاريخية التي كانت وراء الأعمال السرية والتي قام بها جهاز الاستخبارات الأمريكية ، هي نفسها الوجوه التي توالت حسب الأيام والتواريخ على ادارة مجلس ادارة هيئة الديمقراطية الأمريكية ، نذكر منها " أوتو ريك " و " جون نجرو بونت " ، "هنري سيسنروس " اليوت آبرامس ويترأسها اليوم " فان ويبر " ، ممثل جمهوري سابق لل " مينيزوتا " ، ومؤسس جمعية يمينية محافظة (آن باور آمريكا ) ووممول الحملة الانتخابية المناصرة ل "بوش" لعام 2000. ويبقى المدير التنفيذي لهيئة الديمقراطية الاميركية " كارل قاشمن " ، تروتسكي سابق ، عضو مسؤول في الحزب الاشتراكي للولايات المتحدة الامريكية (سوشيال ديموكرات يو اس آي ) وعضو من تيار المحافظين الجدد )
 [1]
فال "نيد " اذن في الأساس ماهي الا امتداد للأعمال السرية لجهاز الاستخبارات الأمريكية ، وان اختلفت الاسماء في الظاهر ، أو تعددت الوسائل وتنوعت ، وتتلخص فلسفة هذه الهيئة في الشعار التالي )ما هو في صالح أمريكا ، هو في صالح العالم ( ويقوم على تسيير شؤونها المالية مجلس ادارتها المكون من ديمقراطيين وجمهوريين ، وكذا موظفين من غرفة التجارة الامريكية ونقابة AFL-CIO
كل هؤء يقترحون نشاطات لا يتم تطبيقها الا بمصادقة أغلبية الثلثين ، وفي حالة التصديق عليها ، تحول الأموال والنشاطات المقترحة الى جهات صديقة مهما كان توجهها طالما أن مجلس الادارة يضم كل الأطياف السياسية ،فالصديق يمكن دوما ايهامه ان النيد معه عندما يتواصل معه شخص من نفس طينته ، وعمليا هذا يقود النيد الى تعيين دول ما كمحاور للشر ليتسنى لها تمويل عناصر موالية تهدف في النهاية الى قلب أنظمة الشر على حد تفسير الادارة الأمريكية ، وارساء مكانها أنظمة أكثر موالاة وملاءمة للعم سام ، ودعمها بما يخدم مصالح امريكا قبل أي مصلحة حتى للدولة التي يجري الحدث بها .

على الواجهة التقليدية العالمية ، وأمام وسائل الاعلام السمية والشعبية ، تشكلت النيد كند عدو ضد الشيوعية ، لكنها ومنذ انهيار معسكر الروس ، تزعم السعي لارساء الديمقراطية ولكن على شاكلتها التي تناسبها ، وذلك بانتاج سناريوهات التناقض في بلد ما يخدم مصالح من يسيرون الادارة الأمريكية ، من هذا المنطلق تعتبر "النيد " المسؤول الرئيس عن أزمة ديمقراطيات العالم ، وذلك بتشكيل آليات التناقض عبر العالم و مدلجة ديمقراطيات العالم على نفس نمطها ووفق تقدير لكل شعب ومكانته في ساحة الأحداث العالمية . يتم هذا باستغلال بلاهة البعض أحيانا وفي سياق أحداث لاتبدو أن وراءها أهدافا بعيدة المعنى عميقة الدلالة ، وشواهد التاريخ تثبت أن كثيرا من عمليات قلب الأنظمة وعمليات تمرير مشاريع ما من خلال أشخاص تمت على أساس أن مسؤولا ما تلقى مساعدة مالية من قبل هيئة نظيفة السمعة ، لكن الواقع الحقيقي أن هذا الشخص استلم دعما من قبل جهاز المخابرات الأمريكية ، وأن الشخص الذي سلمه اياه والذي كان في نظره صديقا عاديا ، لم يكن في الحقيقة سوى عنصر فعال من جهاز المخابرات يعلن نفسه تحت لواء هيئة أخرى نظيفة ان صح التعبير .

البنية الادارية للنيد

في الحقيقة ، الهيئات الادارية التي تحوم في فلك "النيد " ، والتي قد لاتعلن بالضرورة عن انضمامها تحت "النيد " ، والتي قد تدعم مشاريع "النيد "حسب الظروف والملابسات والمواقع ، هذه الهيئات هي أربع :
· المركز الأمريكي للتضامن مع العمال ويرأسه "جون جي سوييني" كأمين عام للمركزية النقابية لAFL-CIO Américan Center for International labour Solidarity
· مركز المؤسسات الخاصة الدولية يسيره " توماس دونوهي " كرئيس غرفة التجارة الأمريكية ، أي كبير أرباب العمل
 [2]

Center
for International Private Entreprise
· المعهد الجمهوري الدولي يسيره السناتور "جون ماك كن " أكبر الداعمين للحرب ضد الارهاب International Republican Institute
· المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية تسيره مادلين أولبرايت ، سكرتيرة الدولة سابقا لأمريكا National Democratic Institute for International Affairs

وعمل هذه المراكز يتم وفق ما تمليه السياسية الأمريكية ، و في المانيا مع الهيئة المسماة " فريديريك البرت ستيفونق " ، و " فريديريك نونمان ستيفونق " ، و "سيدل ستيفونق" ، و" هينريك بوييل ستيتفونق" ، هذه الهيئات كلها تستعمل تمويلات الادارة الأمريكية كحافز مالي قوي مؤثر على حساب مصالح البلد المعني ، وعلى نفس المنهج ، تجد " النيد " شركاء لها في كثير من البلدان الحليفة ، أو الأعضاء في حلف الناتو او ex-ANZUS
وبالتحديد مايسمى ( الويسننتر فوندايشن فور ديمكراسي ) ببريطانيا ، والمركز الدولي لحقوق الانسان وترقية الديمقراطية بكندا ، وهيئة( جون جوريس) ، وهيئة (روبرت شومان ) بفرنسا ، و(المركز الليبيرالي الدولي) بالسويد ، وهيئة (الفرد موزير) بهولندا .
وبمناسبة تاريخ ميلادها العشرين ، "النيد " نشرت في تقريرها الأخير تعرب عن نشاطاتها وبأنها تؤطر حاليا أكثر من 6000 منظمة سياسية واجتماعية في العالم ، وتعترف رسميا بأنها كانت وراء انشاء الحركة النقابية : السوليدارنوك في بولونيا ، و(لا شارت 77) بتشكوسلوفاكيا ، وماعرف ب (الأوتبور) في صربيا ، وتفتخر بكل المعايير بتأسيسها لراديو ب92 (B92،( ويومية (اوسلوبودجنج ) في يوغسلافيا السابقة ، ومجموعة من وسائل الاعلام المقترح انشاؤها في العراق المحرر .

مخطط التركيبة الادارية للنيد

وتنشر "النيد " جريدة "دو جورنال اوف ديمكراسي" عبر العالم ، وجريدة " اونكيونترو " موجه خصيصا لكوبا ، اضافة الى العديد من الكتب الجماعية ، وتنظم زيادة على ذلك مؤتمرا دعائية بالتعاون مع المثقفين الذين تدعمهم مثل ) المؤرخ الفرنسي فيري ( ورجل الأعمال الداعم للصحافة في فرنسا "جون دانيال" ، وأخيرا هذه الهيئة تكون اطارات سياسية ونقابية في كافة أرجاء العالم من أجل ارساء الديمقراطية على حد زعمها .
رسميا ، ميزانية "النيد " لا تتعدى الخمسين مليون دولار 50 م.د ، لكن هذا الرقم يضاف اليه مبالغ المنظمات المساهمة و التي تدعمها " النيد " ، هذه المبالغ التي تراوح حوالي مئات الملايين الدولارات سنويا ، والتي يجيء معظمها من قبل وزارة العمل بالدولة والتي تتم بطريقة غير معلنة من قبل جهاز المخابرات الأمريكية "السي آي آي" .

ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: رامي جميع الحقوق محفوظة 2004©

[1نذكر ان غالبية المحافظين الجدد هم شخصيات تروتسكية تحالفت مع ال سي آي آي ضد الستالينية ، ويشكلون تيار اليسار المثالي المتحالف مع البيت الأبيض

[2هذا التنظيم يقود حملات ضد الرشاوى الناتجة عن تنظيم ترانسبارنسي انترناشنل ، وضد استغلال الطفولة للعمالة عن طريق سوشيال اكونتابيليتي انترناشنل .