تداعت أجهزة المخابرات السعودية، والأمريكية، والإسرائيلية، والأردنية، والكردية، والقطرية، والبريطانية، والتركية إلى عقد اجتماع في العاصمة الأردنية عمان في اليوم الأول من حزيران 2014 للتحضير لغزو العراق عبر تنظيم داعش، حسب الوثيقة التي نشرتها صحيفة أوزغورغوندوم التركية في اليوم التالي للاجتماع. [1]
وفقا لهذه الوثيقة، فقد تم الاتفاق على ضرورة التنسيق بين داعش وإقليم كردستان العراق، بما يفضي إلى قيام الأولى بشن هجوم خاطف على الموصل، فيما تتولى الثانية أمر الاستيلاء على كركوك.
تخبرنا نفس الوثيقة أيضا أن الرئيس مسعود البرزاني كان قد زار الأردن قبل أربعة أيام من ذلك الاجتماع، والتقى خلالها مع بعض المشاركين في الاجتماع لاحقا. وقد حرص على عدم حضور الاجتماع المزمع عقده بعد أربعة أيام، فأوفد ابنه مسرور، بوصفه رئيس جهاز استخباراته الخاص.
حين غزت داعش الجزء الذي خصصته لها الولايات المتحدة مسبقا غرب العراق، قامت على الفور بأسر الازيديين واعتبارهم عبيدا وجواري.
وللتذكير فإن الغالبية الساحقة من هؤلاء الأسرى هم من الأكراد، لكن طبقا لاتفاق عمان فلا ينبغي على الجار الكردي أن يتدخل، حتى حين تمكن البعض منهم من الفرار والتحصن في جبل سنجار.
وفي نهاية المطاف أنقذتهم فرقة القوات الخاصة في حزب العمال الكردستاني التركي، وليس البرزاني. وقد أنقذوا جميع المتحصنين في جبل سنجار، بمن فيهم غير الأكراد.
إن محاولة أتباع البرزاني إعادة كتابة تلك الرواية-وفقا لأهوائهم- لن تمحو عار جريمتهم بحق شعبهم. [2]
هناك شخصية كردية معروفة كانت حاضرة اجتماع عمان أيضا، الإسلامي الملا كريكار الذي كان وقتها يقضي حكما بالسجن لمدة خمس سنوات في النرويج لتهديده بالقتل على شاشة التلفزيون رئيسة الوزراء إرنا سولبرغ. لكنه مع ذلك خرج من سجنه وذهب إلى عمان لحضور الاجتماع على متن طائرة عسكرية تابعة لحلف الناتو، ثم عاد إلى زنزانته بعد بضعة أيام من انتهاء الاجتماع، معلنا من أوسلو مبايعته لداعش.
لم يحاسبه أحد لانتمائه لمنظمة إرهابية فحسب، بل تم تخفيف عقوبته سنتين، فأطلق سراحه فورا على أثرها. وصار قائدا لفرع داعش في أوروبا انطلاقا من العاصمة النرويجية أوسلو، تحت حماية ورعاية حلف شمال الأطلسي، وهذا يعني أن شبكة الغلاديو التابعة للحلف الأطلسي لاتزال في أوج نشاطها هناك. [3]
ووفقا لمجلة أكراد إسرائيل التي تنقل عنها الصحافة التركية على نطاق واسع، فقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمسعود البرزاني، بايفاد مائتي ألف إسرائيلي للمساعدة على إدارة شؤون الدولة الجديدة، المدعوة إلى التوسع داخل الأراضي السورية. [4]
قبل ثمانية أشهر من اجتماع عمان، كانت باحثة من وزارة الدفاع الأمريكية تدعى روبن رايت، قد أكدت موافقة بلادها على هذا المشروع. [5]
كان آل البرزاني يؤكدون حتى ذلك الحين بأنهم يدافعون عن جميع الأكراد، بما في ذلك أولئك الذين يقيمون في تركيا وإيران.
وقد لفتت السيدة رايت آنذاك إلى استحالة تطبيق هذا المشروع، لكنها نشرت، مع ذلك، خريطة " لدولة سنية" تُمنح لداعش، وخريطة لدولة "كردستان" المعطاة للبرزاني في العراق وسورية. وقد أرست وزارة الدفاع الأمريكية، بناء على ذلك مؤخرا، [6] مناقصة بقيمة 500 مليون دولار على أحد المقاولين لتوريد أسلحة وذخائر سوفيتية الصنع بشكل رئيسي، وصلت الدفعة الأولى منها، عبر كردستان العراق، وهي حمولة مائتي شاحنة إلى محافظة الحسكة، تم تسليمها بين 11 – 19 أيلول الجاري لوحدات حماية الشعب الكردية، تحت أنظار داعش التي لم تعترض سبيل تلك القافلة. [7]
نشرت وزارة الدفاع الروسية مؤخرا، صورا من أقمارها الصناعية لمعسكر تابع للقوات الخاصة الأمريكية داخل أراض تحتلها داعش في سورية، تُظهر الجنود الأمريكيين وهم يعيشون جنبا إلى جنب مع الأكراد والجهاديين بوئام تام. [8]
titre documents joints
[1] « Yer : Amman, Tarih : 1, Konu : Musul », Akif Serhat, Özgür Gündem, 6 juillet 2014.
[2] “إعادة كتابة مذبحة سنجار”, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 12 أيلول (سبتمبر) 2017, www.voltairenet.org/article197845.html
[3] NATO’s Secret Armies: Operation GLADIO and Terrorism in Western Europe, Daniele Ganser, Routledge, 2004.
[4] “من المُنتظر وصول 200 ألف إسرائيلي إلى "كردستان" بمجرد إعلان الاستقلال”, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 21 أيلول (سبتمبر) 2017, www.voltairenet.org/article197979.html
[5] “Imagining a Remapped Middle East”, Robin Wright, The New York Times Sunday Review, September 28, 2013.
[6] “Heikle Fracht aus Ramstein”, “Millionen Schuss Munition für Kalaschnikows”, Frederik Obermaier & Paul-Anton Krüger, Süddeutsche Zeitung, 12. & 20. September 2017.
[7] “200 شاحنة من الأسلحة والذخائر سلمها البنتاغون إلى وحدات حماية الشعب YPG”, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 23 أيلول (سبتمبر) 2017, www.voltairenet.org/article198020.html
[8] « Le ministère russe de la Défense diffuse des photos des Forces US stationnées chez Daesh », Réseau Voltaire, 24 septembre 2017.