وفقاً للرئيس ترامب، فإن ثروة العائلة المالكة السعودية لم تأت من كدهم، بل هي إيرادات يدفعها الغرب مقابل نفط تختزنه الطبقات السفلى من أراضي المملكة. وقد استُثمرت هذه الأموال على نطاق واسع في الشركات متعددة الجنسيات، التي حققت ثروات هائلة، من خلال نقل فروعها إلى الصين.
لهذا السبب، تسعى إدارة ترامب منذ العام الماضي، باسترداد تلك الأموال المدفوعة، مستخدمة كل الوسائل الممكنة لإعادة بناء اقتصاد الولايات المتحدة.
وتأسيا على ذلك، قام جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره الخاص، بتنظيم انقلاب القصر في الرياض، لصالح الأمير محمد بن سلمان، مطلقا العنان لمرتزقة يتبعون لشركة بلاك ووتر، باعتقال ألفا وثلاثمائة من أفراد العائلة المالكة. البعض منهم تعرض لتعذيب شديد بعد شبح أقدامهم إلى السقف ورؤوسهم إلى الأسفل، حتى استسلموا وتنازلوا عن نصف ثرواتهم كحد أدنى شخصيا للأمير محمد بن سلمان.
ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فقد أدخل الأمير محمد في حسابه الشخصي ما لا يقل عن ثمانمائة مليار دولار. وسارت الأمور على مايرام، إلى أن وقع في خطأ فادح!
فعملية السطو التي قام بها في نطاق عائلته، واحتجاز كل تلك الأموال الضخمة بين يديه، كانت كافية لواشنطن كي تتربص له، وتستولي على الكنز.
أما كبار السن في العائلة المالكة الذين سلبت أموالهم جزئيا، فقد وقفوا وراء الأمير الوليد بن طلال، الذي قام بدوره بإدخال أحد أكثر الرجال إخلاصا له، الصحفي جمال خاشقجي، في مؤامرتهم. فلم يقو حينذاك الأمير محمد بن سلمان على مقاومة غواية الانتقام، فأمر باعتقال الخاشقجي، وتعذيبه، وفرمه.
هنا، تجدر الإشارة إلى أن مشاهد التعذيب والقتل، كلها مسجلة بالصوت والصورة من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والتركية. الأمر الذي مكن واشنطن من تصعيد ضغوطاتها، بعد تنديد صحيفة واشنطن بوست، التي كان يعمل الخاشقجي لحسابها، بعملية القتل، ومطالبة أعضاء في الكونغرس بفرض عقوبات على الرياض.
وفي رد معبر عن تهوره وطياشته، أعلن على لسان مستشاره الخاص تركي الدخيل، عن إمكانية تحول المملكة إلى المعسكر الروسي-الإيراني، في حال تم اتخاذ إجراءات مماثلة.
واشنطن، كانت على علم بالخطر الوشيك الذي يروم به ذلك الأصلع، فقرعت جرس إعدامه. وانفضت جميع الشخصيات الغربية المدعوة، واحدا إثر آخر، عن منتدى الرياض الاقتصادي.
هنا تجدر الإشارة أيضا إلى أن جمال خاشقجي كان مقيماً في الولايات المتحدة، حين أوحى له جاريد كوشنر عن ضرورة مصادرة ممتلكات محمد بن سلمان لصالح الولايات المتحدة. أي الثمانمائة مليار دولار التي ساعده على سرقتها من أبناء عمومته.
عندما يتحرك الغربيون كقطيع من الضواري، يتذكرون فجأة معزوفتهم الرائعة عن حقوق الإنسان، وعدم قدرتهم على قبول هذا الطاغية، القادم من العصور الوسطى، الذي انتهك اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، وأمر بتقطيع جسد ضحيته داخل قنصلية بلاده في اسطنبول.
لحسن، أو سوء الطالع، أن الجمهور قد نسي أن المملكة العربية السعودية هي التي مولت، ودربت، وزودت الجهاديين بالسلاح والعتاد لمهاجمة سورية.
ولعمري، هذه جريمة أكثر فظاعة وبشاعة من دق عنق رجل واحد. لكنها جريمة، باركها الغرب، المدافع عن حقوق الإنسان.
كما نسي الجمهور أيضا أفعال بن سلمان الشنيعة، كقطع رأس زعيم المعارضة، الشيخ النمر.
وبطبيعة الحال، فإن حقوق الإنسان لا يمكن أن تنطبق على تلك الضحية، لأنه من الشيعة.
وكذلك حال اليمن، ذنبه الوحيد، أنه كان يتشارك مع جاره السعودي باستغلال حقل نفط، فكانت عقوبته دمار، كما حصل لسورية، وتشريد سبعة ملايين من سكان اليمن الذين يتضورون جوعا الآن.
تشاء الأقدار أن يذهب محمد بن سلمان قبل بضعة أسابيع إلى الكويت، وُيسمع قادتها كلاما مبطنا، حثهم فيه على زحزحة الحدود بين البلدين، والتخلي عن حقول نفط لصالح المملكة، وإلا فسيواجهون نفس مصير اليمن.
فقط عندما يكون هناك ثمانمائة مليار دولار على المحك، يتذكر الغربيون معزوفة حقوق الإنسان.