خمس وثلاثون عاما, والسعودية تمول وتسلح كل تيارات الاسلام السياسي السني التي تؤكد أن نموذج الولايات المتحدة الاقتصادي متوافق مع الاسلام, وأنها لن تقوم بأي فعل عدائي ضد اسرائيل.

خمس وثلاثون عاما والحكومات السنية وغالبية شعوبها تغض النظر عن التواطؤ القائم بين الجهاديين والامبريالية, وتعرب عن تضامنها مع كل ماقاموا به من أفعال, وكل مانسب إليهم منها.

وهكذا شرعنوا الوهابية كأحد أشكال الاسلام الحقيقي, على الرغم من تدمير أماكن مقدسة في السعودية.

أنقذ الملك عبد الله الاقتصاد المصري من الانهيار, بعد أن أصبح المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر, وتلقي الملك, كما الامارات كل مابحوذة الأمن المصري من ملفات كاملة عن الاخوان المسلمين.

مع ذلك, وفي سياق المعركة ضد الجماعة, اكتشف المشير السيسي في وقت لاحق من شهر شباط - فبراير2014, خطة مفصلة للاخوان للاستيلاء على السلطة في الرياض وأبو ظبي, نقلها أيضا لأصحاب الشأن. الأمر الذي أدى إلى القاء القبض في غضون أيام قليلة على المتآمرين الذين اعترفوا, بينما كانت السعودية والامارات العربية المتحدة تهدد قطر, عراب الأخوان المسلمين, بتدميرها إذا لم تتخلى على الفور عن الجماعة.

لم تستغرق الرياض وقتا طويلا حتى تكتشف أن الأخوان أفسدوا أيضا "الدولة الاسلامية" وكانوا على وشك استخدامها لمهاجمة المملكة السعودية.

في 18 آب-أغسطس ومرة أخرى في 22 منه, قصفت أبو ظبي بمساعدة القاهرة, تجمعات لارهابيين في ليبيا.

للمرة الأولى تتحالف دولتان سنيتان لمهاجمة متطرفين سنة في بلد سني ثالث. لم يكن هدفهم سوى عبد الحكيم بلحاج, الشخص الثالث سابقا في تنظيم القاعدة, والقائد العام للجهاديين الليبيين في سورية, المعين حاكما عسكريا على طرابلس العاصمة من قبل حلف الناتو.

في 19 آب-أغسطس الجاري, قرر مفتي السعودية –أخيرا- نعت مجاهدي الدولة الاسلامية والقاعدة ب " بالعدو رقم 1 للاسلام".

كان انقلاب السعودية على أعقابها أسرع من أن يتيح للاعبين الاقليميين الزمن اللازم للتكيف مع المتغيرات, الأمر الذي وضعهم في مواقف متناقضة تبعا للملفات.

وبشكل عام, لايزال حلفاء واشنطن يدينون "الدولة الاسلامية" في العراق, وليس في سورية.

لكن الأمر الأكثر غرابة هو أن هذه المنظمة الجهادية لاتزال تتمتع بدعم من بعض الدول : النفط العراقي الذي تنهبه الدولة الاسلامية يتم نقله عبر الأراضي التركية, حيث يشحن من ميناء جيهان بناقلات نفط تمر عبر اسرائيل في طريقها إلى أوروبا.

على أية حال, لم يجر حتى هذا الوقت تدوين أسماء الشركات المتورطة, لكن مسؤولية تركيا واسرائيل, ودولة أوروبية على الأقل مؤكدة.

أما القطيعة التي وضعت حدا نهائيا لسياسة سعودية امتدت خمسا وثلاثين عاما, تحولت فجأة إلى مواجهة بين الرياض وأنقرة. وأصبح حزب العمال الكردستاني الذي كان يعتبر بنظر واشنطن والاتحاد الأوروبي منظمة ارهابية, مدعوما بطائرات البنتاغون ضد الدولة الاسلامية.

في الواقع, يعود الفضل في دحر الدولة الاسلامية خلال الأيام الأخيرة إلى المقاتلين الأتراك والسوريين في حزب العمال الكردستاني, وليس لميليشيات البشمركة العراقية التابعة لحكومة كردستان المحلية.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan 1973
(PDF - 181.5 كيليبايت)