على الرغم من البلاغ الدولي الذي أصدرته الحكومة الفدرالية العراقية, إلا أن اسرائيل أقدمت بتاريخ العشرين من حزيران-يونيو على شراء البترول الذي سرقته الحكومة المحلية الكردية من كركوك, والذي تم نقله بتواطؤ داعش عبر أنبوب يقع تحت سيطرتها, وكذلك السلطات التركية التي سمحت بشحن هذه السلع على متن ناقلة نفط في ميناء جيهان.
وفي 25 حزيران-يونيو وضعت كافة الأحزاب الكردية خلافاتها جانبا, وشكلت حكومة وحدة محلية. لم يكن هذا التحالف ممكنا لولا الاتفاق المسبق بين طهران وتل أبيب وواشنطن.
وفي اليوم نفسه نقل مندي الصفدي, وهو مسؤول اسرائيلي مكلف بتأمين الارتباط بين السلطات الاسرائيلية والارهابيين في سورية, رسالة من حزب اليسار الكردي في سورية إلى رؤوفين ريفلين يهنئه فيها على انتخابه من قبل الكنيست رئيسا, ويناشده الوقوف إلى جانب قيام دولة كردستان المستقلة التي تمتد بين سورية والعراق.
وفي الفترة من 26 إلى 27 حزيران-يونيو, قام وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بزيارة إلى بغداد وأربيل, دعا خلالها نوري المالكي إلى تشكيل حكومة شاملة, رغم قناعته بأن الأخير لن يفعل. ثم بحث مع مسعود البرزاني استقلال كردستان في المستقبل. وكما هي العادة دائما, يشكل مرورو البريطانيين لحظة حاسمة.
في 29 حزيران-يونيو, ينتهك رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المحرمات إثر إعلانه أن اسرائيل تؤيد إقامة دولة كردية مستقلة, ويتوخى الحذر في عدم الاشارة إلى حدودها التي رأى أنها يمكن أن تتطور مع مرور الوقت.
في 3 تموز-يوليو, دعا مسعود البرزاني رئيس الحكومة المحلية في كردستان, برلمان بلاده لاجراء استفتاء حول تقرير المصير.
بينما كان جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي يبحث في مكتبه مع فؤاد حسين مدير مكتب البرزاني تفاصيل تنظيم الاستفتاء الشعبي العام, جاء , رد البيت الأبيض خلافا لذلك, مجددا دعمه "لعراق ديمقراطي, تعددي وموحد".
لايبدو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني ( الذي يتمتع بقاعدة شعبية واسعة في العراق وأقلية محدودة في سورية) قادرا على اجراء استفتاء في كلا البلدين في آن واحد. سوف يترتب على واشنطن في هذه الحال أن تكتفي بدولة كردية مقتطعة من العراق الحالي, وتأجيل ضم أراض لها من سورية وتركيا إلى وقت آخر.
أما في الفترة الحالية, فقد بدأت واشنطن تضاعف من ارسال الرسائل المطمئنة إلى العاصمة السورية (بعد أن استأنفت الحديث المباشر معها مجددا) ولأنقرة التي لم تعد تصدق شيئا.
في تلك الأثناء, أعلنت داعش عن تأسيس الخلافة بعد أن أسمتها (الدولة الاسلامية) وراحت تتابع تطورها بحذر. داعش تعرف كيف تقاتل ضمن حدود معينة, وتحرص على عدم المس بمصالح واشنطن وحلفائها, بمن فيهم الحلفاء الآنيين. رأينا ذلك في سامراء, حين تجنبت داعش مهاجمة أضرحة أئمة شيعة, لكي لاتستفز ايران.
في واشنطن, ينعقد في هذه الأوقات حوار زائف بين "الواقعيين" المناصرين لدولة كردستان و "الصقور" الذين ينادون بالحفاظ على الوحدة من خلال القوة. لكنهم في الواقع متفقون جميعا, أولا : حول مسألة ترك الجهاديين يقومون بتقسيم البلد. ثانيا : نقل التجربة إلى السعودية , وفي النهاية, سحق كل الجهاديين ومحو كل أثر لهم.