وفقًا للخريطة المنقحة التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في عام 2013، المتعلقة بإعادة هيكلة الشرق الأوسط، فقد تم تقسيم سوريا والعراق إلى أربع دول. منها دويلة "سنية" وأخرى "كردية" يتم إنشاءهما على أراض مجتزأة من دولتي سورية والعراق الحاليتين. وقد نشرت صحيفة أوزغور غوندم الكردية في تركيا قرار ومحضر الاجتماع الذي أعدت فيه وكالة المخابرات المركزية غزو العراق من قبل داعش.

تشير هذه الوثيقة إلى أن مسرور "جمعة" البرزاني، رئيس الاستخبارات آنذاك ورئيس حكومة إقليم كردستان الآن، كان أحد المشاركين في هذا الاجتماع التخطيطي الذي انعقد في العاصمة الأردنية عمان في اليوم الأول من شهر حزيران 2014.

لقد ثبت دعم حكومة إقليم كردستان العراق لغزو داعش للعراق من حقيقة أنها سمحت بذبح الرجال اليزيديين الأكراد في سنجار، وسبي نساءهم . ومن نجا منهم، نجا بفضل مؤازرة أخوتهم من أكراد سورية وتركيا الذين أتوا إلى المنطقة من سورية ومن تركيا لإنقاذ من تبقى منهم، تحت النظرات الساخرة لعناصر البشمركا.

ارتكب تنظيم داعش كما هائلاً من الفظائع التي تقشعر لها الأبدان، وفرض حكمه بقوة الإرهاب. مارس تطهيراً دينياً ضد اليزيديين الأكراد، والمسيحيين الأشوريين، والشيعة العرب. لقد استفاد هؤلاء "الخارجون عن القانون" من الدعم المالي والعسكري لوكالة الاستخبارات المركزية، والبنتاغون، بالإضافة إلى دعم مالا يقل عن سبع عشرة دولة، وفقاً للوثائق المنشورة في صحيفتي "ترود" البلغارية، و"جوترنجي ليست" الكرواتية.

لا أحد يعرف حتى الآن كيف تحول حزب العمال الكردستاني في عام 2005 من حزب سياسي ماركسي-لينيني مؤيد للاتحاد السوفييتي السابق، إلى ميليشيا "إيكولوجية" تحررية ومؤيدة لحلف شمال الأطلسي. كما لانعرف أيضاً ما التغيير الذي طرأ على "وحدات حماية الشعب" في عام 2014، حيث يتم توصيفهما دولياً بشكل متغير، تبعاً لموقعها من الحدود السورية-التركية. فهما منظمتان إرهابيان، حين تتواجدان فوق الأراضي التركية، لكنهما يصبحان حزبين سياسيين معارضين "للنظام الديكتاتوري" حين يتواجدان فوق الأراضي السورية.

بيد أن كلا التشكيلين الكرديين لم يكونا حتى عام 2014 يريان "نظاما ديكتاتوريا" في سورية. كانا يقاتلان دفاعاً عن الجمهورية العربية السورية وبقاء الرئيس بشار الأسد.

لم ترتكب "وحدات حماية الشعب" فظائع مماثلة لتلك التي ارتكبها تنظيم داعش الارهابي، لكنها مع ذلك لم تتردد في ممارسة التطهير العرقي في المنطقة المسماة "روجافا" ونهب أرزاق عشرات الألوف من الآشوريين، والعرب السوريين وطردهم من بيوتهم وأراضيهم، مما يشكل جريمة ضد الإنسانية.

هذه الممارسات هي التي دفعت البنتاغون إلى تسليحهم علناً، حسب ما ذكرت مجلة جينيس البريطانية، وكما أشارت أيضاً صحيفة المانيفستو الإيطالية، وما كشفت عنه فرنسا على لسان رئيسها فرانسوا هولاند، في ذلك الحين.

بعد سقوط "دولة الخلافة"، طلب هؤلاء من دمشق السماح لهم بعبور خطوط الجيش العربي السوري لإنقاذ أخوتهم الأكراد المهددين بالفناء على يد الجيش التركي في الشمال الغربي من البلاد. فنالوا مرادهم. لكن عندما تحركت تلك القوات الكردية المشتركة، لوحظ وجود ضباط هاربين من داعش في صفوفها، فأمرت حكومة دمشق باعتقالهم جميعاً.

هذه الوثائق والحقائق التي بين أيدينا غير كافية لتنبئنا من على صواب أو على خطأ، فهذه مسألة أخرى. لكن المؤكد أنه من المستحيل في الميدان أن تكون أنقرة ضد كل من داعش وحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، من دون الوقوع في تناقضات لا يمكن التوفيق بينها.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan #3272
(PDF - 168.2 كيليبايت)